ينطلق الكتاب من فرضية أنه لم يعد الآن في إمكان الوطن العربي أن يستمر في مواصلة السير بنفسي المعطيات والرؤى الموروثة، لأن الوضع الراهن يمثل أزمة لا يمكن الخروج منها إلا بالتفكيك الواعي الهادف.
ويأتي الكتاب ليقدم رؤيته بشأن بعض المفاهيم والقضايا المستقرة في الوعي، بهدف تفكيكها، بدءا بمسألة الهوية في إطار العروبة والإسلام، ومرورا بمسألة تطبيق الشريعة بين السلفية والصحوة والتجديد، ومسائل الدين والدولة، والديمقراطية، وغيرها.
تدين ديبا كومار في هذا الكتاب السياسات الإمبريالية الغربية في أكاذيبها حول إرهاب الإسلام، وترى أن جذور هذه النظرة تعود إلى عهد قديم بدأت مع الحروب الصليبية واستمرت مع سياسة الخارجية الأمريكية التي عملت على تأجيج العنصرية ضد المسلمين.
وتبدأ الباحثة برصد صور الإسلام في أوروبا، ثم تبحث قضيتي الاستعمار والاستشراق، وتخصص فصلا لبيان أكاذيب المستشرقين واستمرارها حتى اليوم، ثم تدرس الإسلام السياسي وعلاقاته بسياسة الولايات المتحدة الأمريكية، والعلاقة بين فوبيا الإسلام والسياسة الداخلية في الغرب.
كيف تتحكم أجهزة الإعلام ويتحكم الخبراء في رؤيتنا لسائر بلدان العالم؟ هذا هو المحور الذي يدور حوله كتاب إدوارد سعيد، والذي يطرح فيه قراءة مبكرة لرؤية أمريكا للعالم وتقسيمه إلى معسكرين أحدهما يناصر الإرهاب والثاني يناهضه، ويرى أن فكرة صدام الحضارات التي ترددت منذ التسعينات أغلوطة كبرى، والتي فتحت الباب للحملة على الإسلام بمساعدة الإعلام، ومن ثم الترويج لفكرة أن إسرائيل هي ضحية العنف الإسلامي.
وباختصار يمكن القول إن هذا الكتاب هو إعادة نظر في كتابات الغربيين عن الإسلام، والتنبيه إلى أوجه الانحراف عن الصواب، وهو ما بدأ يتسرب إلى وعي العرب والمسلمين أنفسهم الآن.
يعالج الكتاب قضايا راهنة لها علاقة بعنوانه، ويتعرض لتفصيلاتها وتقاطعاتها إلى الدرجة التي يصعب معها الحديث عنه دون مطالعته كاملا، فيبدأ بمقدمة عن النخبة والكتابة والفوضى، ثم مناقشة ما أسماه متن الحرية وما يرتبط به من سياسة الكرامة والبحث عن سياسة الأمل، وسياسة عدم اليقين، وسياسة المؤسسة الدينية بتنويعاتها، وسياسة المواطنة، وسياسة الهيمنة بين الثقافة والمثقف، وسياسة الدور وصولا إلى حالة القوة الناعمة وتحولاتها.
وفي القسم الثاني يناقش هوامش حول الحالة الانتقالية وتحولاتها وتعثراتها، وما يرتبط بها من سياسات المؤامرة، والنخبة، والفوضى، وغواية السلطة، وثقافة اللامسؤولية، وسياسة الغلبة، والإخوان والسلطة… إلخ.
وفي القسم الثالث يناقش سياسة الكتابة، وسياسة الكلام، وسياسة الإعلام المضطرب، وسياسة الضوضاء والغموض، وسياسة الانتقال، وغيرها من قضايا ما يزال الوطن العربي يعيش في إطارها.
يحار الباحث المدقق أمام اختلاف وتناقض الروايات عند بحثه في ظاهرة أو موضوع تاريخي في الإسلام، وهو الأمر الذي أسهمت في صياغته عوامل عدة عبر التاريخ العربي، منها: التدخل السياسي ونظام الحكم، والصراع على السلطة، وعقلية التحريم، وغياب منهجية “النقد التاريخي”، إضافة إلى الدوافع النفسية من حقد وحسد وما يترتب عليها من مؤامرات ودسائس، وأخيرا سلطة العامة في ارتكانها لما تعرف ورفضها لأي منطق عقلي يصل إلى رأي مخالف وإن كان صوابا، كل ذلك يجعل الأمر غاية في الصعوبة، لكنه أيضا غاية في الأهمية مع واقع يتردى وأحوال تزداد سوءا يوما بعد يوم في واقعنا العربي.
دراسات ثقافية 